اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 384
يُوسُفَ وَأَخِيهِ بنيامين تبعا وَلا تَيْأَسُوا ولا تقنطوا يا بنى مِنْ رَوْحِ اللَّهِ وتنفيسه وتقريحه الهم إذ نحن معاشر الأنبياء لا يليق بنا اليأس والقنوط سيما عن كرم الله وجوده في حال من الأحوال إِنَّهُ لا يَيْأَسُ ولا يقنط مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ومن كمال قدرته وسعة جوده ورحمته إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ الساترون بغيوم هوياتهم الباطلة شمس الحق السارية المتجلية في الأنفس والآفاق والفائضة عليهم سجال الفضل والكرم على مقدار قابلياتهم واستعداداتهم فعليكم ان لا تقنطوا من الله بحال من الأحوال بل اعتقدوا ان له التصرف والقدرة الكاملة والارادة التامة المتعلقة بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ثم لما صمموا العزم بالخروج الى مصر كرة اخرى باذن أبيهم فخرجوا من عنده وساروا الى ان وصلوا مصر
فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ اى على يوسف قالُوا أولا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ قد مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ والجدب وشدة الجوع وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ قليلة ردية فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وتممه لنا من جاهك وإحسانك وَقالوا ثانيا تَصَدَّقْ عَلَيْنا برد أخينا لنرده الى أبيه المحزون فانه قد اشرف على الهلاك من شدة الحزن والأسف إِنَّ اللَّهَ المجازى على اعمال عباده يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ المحسنين منهم جزاء حسنا لا جزاء احسن منه ثم لما سمع يوسف من أسف أبيه وشدة كربه وكآبته وابيضاض عينيه وهزال جسمه ونحوله واشرافه على الانهدام والانخرام شرع يظهر امره عليهم
حيث قالَ تفضيحا لهم وتقريعا هَلْ عَلِمْتُمْ ايها المسرفون المفرطون قبح ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ من الزجر والإذلال والضرب والشتم وانواع المكروهات والمذمومات سيما قد اشتريتم بثمن بخس دراهم معدودة لتبعدوه عن وجه أبيه وتطردوه عن ساحة عز حضوره إِذْ أَنْتُمْ قوم جاهِلُونَ بان لا مرد لقضاء الله ولا معقب لحكمه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فاجتهدتم لهدم بناء الله وتغيير مراده ورد قضائه مبارزة عليه وخروجا بين يديه وبعد ما سمعوا منه ما سمعوا
قالُوا مخبتين خاضعين متذللين بعد ما عرفوه مستفهمين على سبيل التقرير والتثبيت أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ ايها العزيز قالَ أَنَا يُوسُفُ بن يعقوب الذي قد فعلتم به ما فعلتم وَهذا أَخِي بنيامين من ابى وأمي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا بأنواع الكرم والإحسان ووقانا عما قصدتم علينا من السوء والعدوان وانواع الظلم والطغيان وبالجملة إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ عن محارم الله وعما لا يرضى به الله وَيَصْبِرْ على ما جرى عليهم من قضاء الله فَإِنَّ اللَّهَ الرقيب المطلع لأحوال عباده لا يُضِيعُ ولا يهمل ولا ينقص أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ الذين يحسنون الأدب مع الله ويعبدونه كأنهم يرونه ثم لما ظهر عليهم ما ظهر من الفضيحة والشناعة وانواع الندامة والكآبة
قالُوا متضرعين مستحين متذللين مقسمين على سبيل التثبيت والتقرير تَاللَّهِ يا أخانا لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ واصطفاك عَلَيْنا وأراك في المنام ما أراك من سجود الشمس والقمر والكواكب المعتبرة وكفاك هذا دليلا على نجابتك واختيارك علينا مع ان أبانا قد علم منك ما علم من الرشد وكمال العلم والفضل لذلك آثرك علينا محبة وعطفا وَبالجملة إِنْ كُنَّا اى انا كنا لَخاطِئِينَ في إذلالك وارادة مقتك وإهلاكك وضربك وايذائك وبالجملة قد كنا ساعين في ابطال ارادة الله ومشيته وكمال حكمته وقدرته لا سيما في إيذاء أبينا بمفارقتك عنه وإيقاعه بأنواع البليات والنكبات الى حيث قد ابيضت كريمتاه من فراقك فالآن الحكم لك والأمر بيدك وانا مجرمون مقرون معترفون بأنواع الجرائم فلك الاختيار وعلينا الحسرة والندامة وانواع الكآبة
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 384